الجمعة، 20 يوليو 2018

بين القوس و الوتر

السهم سلاح هام في الملاحم التاريخية وورد استخدامه في آخر الزمان كما جاء عن يأجوج ومأجوج في صحيح مسلم، والله سبحانه يقول: )وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ( والنبي عليه الصلاة والسلام يقول : )ألا إنَّ القوةَ الرميُصحيح مسلم ؛ والرمي في كل عصر بحسبه، فلكل عصر سلاحه وآلاته الفتاكة.
من تقدير النبي صلى الله عليه وسلم لصاحب الموهبة ؛كان الرجلُ يمرُّ معَه الجُعبةُ من النبلِ، فيقولُ:(انثُرها لأبي طلحةَ )صحيح البخاري، وأما أول من رمى فسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه يقول:(إني لأولُ رجلٍ من العربِ رمى بسهمٍ في سبيلِ اللهِ)صحيح مسلم.

تعددت أغراض الرمي بالسهم: يكون للصيد كما في حديث (وإن رميتَ بسَهْمِكَ ، فاذكرِ اسمَ اللَّهِ) صحيح مسلم ، كذلك يكون للهو والمتعة والتسلية قال صلى الله عليه وسلم :(فلا يَعجزْ أحدُكُم أن يلهوَ بأسهمِهِ)صحيح مسلم، ويكون للمشاركة في المسابقات ؛تابع على تويتر الاتحاد السعودي للسهام.

يحتاج الرامي: إلى قوس منحن كالهلال وسهم مستقيم غير معوج ذي ثلاث ريش ليحافظ على انسيابية طيرانه وتوازنه في الهواء، بالإضافة إلى واقٍ للأصابع وحامٍ للذراع حتى لا يلسعه الوتر، تحديد الهدف، التركيز، القوة في جذب الوتر، ثبات القدم، هدوء البال، هذه الرياضة تعود على الصبر ؛لأن الرامي عنده إصرار على تحقيق الهدف بالمحاولة والتكرار.

وردت عدة أحاديث وآثار ذكر فيها السهم منها:
قال النبي صلى الله عليه وسلم عن الخوارج:(يَمرُقونَ منَ الدينِ كما يَمرُقُ السهمُ منَ الرَّمِيَّةِ) صحيح البخاري

 وعن التشبه بالكفار قال:(لتتَّبعنَّ سَننَ من كانَ قبلَكم حذو القُذَّةِ بالقُذَّةِ حتَّى لو دخلوا جحرَ ضبٍّ لدخلتُموه)صححه ابن تيمية ، والقذة: هي ريشة السهم.

 وقال: (لا سَبَقَ إلَّا في نَصلٍ أو خُفٍّ أو حافِرٍ) صححه الألباني والنصال هي السهام اجاز العلماء أخذ العوض في مسابقات الرمي بالأسلحة الحديثة.

 النعمان بن بشير يصف لنا تسوية النبي لصفوف الصلاة فقال: (كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يسوي صفوفَنا . حتى كأنما يسوي بها القداحَ )صحيح مسلم.

 الكلام يؤثر بقدر تأثير ضربات السهام ؛لذلك قال النبي في شعر ابن رواحة رضي الله عنه: (اهجوا قريشًا فإنَّهُ أشدُّ عليْهم من رَشقٍ بالنَّبلِ) صحيح مسلم، فقال ابن رواحة: (والَّذي بعثَكَ بالحقِّ لأفرينَّهم بلساني فريَ الأديمِ)صحيح مسلم.

 ومن مواقف النبي في العدل: (أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عدَّلَ صفوفَ أصحابِه يومَ بدرٍ وفي يدِه قدحٌ (سهم) يعدِّلُ به القومَ فمرَّ بسوادِ بنِ غَزيَّةَ وهو مُسْتنتِلٌ من الصفِّ فطعن في بطنِه بالقدحِ وقال استوِ يا سوادُ فقال يا رسولَ اللهِ أوجَعْتَني وقد بعثك اللهُ بالحقِّ والعدلِ فأقِدْني قال فكشف رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عن بطنِه وقال استقِدْ) حسنه الألباني.

 حرص النبي آلا يخدش مسلم فكيف بقتله قال: (إذا مرَّ أحدُكم في مسجدنا ، أو في سُوقِنا ، ومعه نبلٌ ، فليُمسك على نِصالها ، أو قال : فليقبض بكفِّهِ ، أن يُصيبَ أحدًا من المسلمين منها بشيٍء) صحيح البخاري ؛حتى لا يمسسهم السهم بسوء.

 وفي رمي البهم الشاردة بالسهم قال(إنَّ لهذهِ البهائمِ أوابدَ كأوابدِ الوحشِ ، فما ندَّ عليكمْ منها فاصنَعوا به هكذا ) صحيح البخاري.

من عادات الجاهلية قال ابن عباس: (فإنَّ الرجلَ في الجاهليةِ كان يحلفُ، فَيُلْقي سَوْطَهُ أو نَعْلَهُ أو قَوْسَهُ )صحيح البخاري.

 أمر النبي في وقت الفتنة بكسر السلاح والقوس قال : (إنَّ بينَ يديِ السَّاعةِ فِتَنًا...فَكَسِّروا قَسيَّكم وقطِّعوا أوتارَكُم واضرِبوا سيوفَكُم بالحجارةِ ) صححه الألباني.

 الصدق مع الله (أنَّ رجلًا منَ الأعرابِ جاءَ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ فآمنَ بِه ..فلمَّا كانَت غزوةٌ خيبرَ غنِمَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ فيها شيئًا، فقسَمَ وقسمَ لَه  فقال: ما هذا؟ قال: قسَمتُه لَكَ، قال: ما علَى هذا تبعتُكَ، ولَكن اتَّبعتُك علَى أن أُرمَى إلى هاهُنا، وأشارَ إلى حَلقِه بسَهمٍ، فأموتَ فأدخُلَ الجنَّةَ فقال: إن تَصدقِ اللَّهَ يَصدقْكَ، فلبِثوا قليلًا ثمَّ نَهضوا في قتالِ العدوِّ، فأُتيَ بِه النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ يحملُ قد أصابَه سَهمٌ حيثُ أشارَ، فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّم: أَهوَ هوَ؟ قالوا: نعَم، قال: صدقَ اللَّهَ فصدقَهُ) صححه الألباني.

من أفواه الحكماء:
(إنما أنا سهم من كنانتك)، (لولا السهم ما انحنى القوس)، (السهام كثيرة والدرع واحد)، (وكل بطاح من الناس له سهم بطوح)، (لولا فراق السهم وتره لم يحظ بفضل الإصابة)، ( مع الخواطئ سهم صائب)، ( السهم الذي لا يقتلك فإنه يصيبك)، (رب رمية من غير رام)، (لا ترم نفسك بين السهم والهدف)، (انحنى ظهر أبي فقال: أنا القوس وأنتم السهام)، (رموه عن قوس واحدة)، ( أنت سهمي الذي أرمي به فلا أخطئ)، (اختلط الحابل بالنابل)، (الكنانة ما تفييدك لضاع السهم)، ( لا ترم بكل سهامك احتفظ ببعضها وقت الحاجة)، (من لا يخلص لا يتعب فهو كالذي يمد القوس وما لها وتر)، (الكلام كالسهام تدفعه النية الصادقة)، (على النابل أن يتأنى فالسهم متى انطلق لا يعود)، (كالقوس يحفظ  عمدا وهو ذو عوج// وينبذ السهم قصدا لاستقامته)،( قيل لرجل فلان شتمك في أحد المجالس فقال: هو رماني بسهم ولم يصبني فلماذا حملت أنت السهم وغرسته في قلبي).

نقاط على عجل بسرعة السهم:
·        النظر المحرم فتنة تفتك بالقلب ومرسل النظرات يقع صريعا لها، كما يقال النظر سهم مسموم من سهام ابليس
يا راميا بسهام اللحظ مجتهدا // أنت القتيل بما ترمي فلا تصب
وقال آخر:
كل الحوادث مبداها من النظر // ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرة فتك في قلب صاحبها // فتك السهام بلا قوس ولا وتر
والعبد ما دام ذا عين يقلبها // في أعين الغيد موقوفا على الخطر
يسر مقلته ما ضر مهجته // لا مرحبا بسرور عاد بالضرر

·       يقال أن سعد بن عبادة سيد الخزرج قتله الجن وهذا هو المشهور عند المؤرخين وجد ميتا فسمعوا قائلا يقول:
نحن معشر الجن قتلنا سعد بن عبادة // رميناه بسهم فلم نخطئ فؤاده
والعيني في شرح البخاري يقول أنهم أصابوه بالعين والله أعلم، وبالمناسبة نحن نقول عن العائن: (نضول)؛ فهو كالسهم مقلته والقوس حاجبه، والنضل: هو السهم، فالعين تصيب كإصابة السهام.

·        الدعاء: سهام نطلقها في أوتار الليالي والدعاء من أقوى الأسباب في حصول المطلوب ودفع المكروه، وإذا لم تجتمع شروطه وتنتفي موانعه يصبح الدعاء بمنزلة القوس الرخو جدا فإن السهم يخرج منه خروجا ضعيفا كما يقول ابن القيم، ودعوة المظلوم سهم لا يخطئ.
سهام الليل لا تخطئ ولكن // لها أمد وللأمد انقضاء

·        تفهَّم طبيعة المرأة واصبر على اعوجاجها قال صلى الله عليه وسلم: (واستَوْصوا بالنِّساءِ خَيرًا، فإنَّهنَّ خُلِقنَ مِن ضِلَعٍ، وإنَّ أعوَجَ شيءٍ في الضِّلَعِ أعلاه،)صحيح البخاري ، ولولا اعوجاج القوس ما انطلق السهم ولولا اعوجاج الحاجب لما بان جمال العين، سامحها، تغافل عن زلاتها، لاطفها، أحسن إليها.

·       التعاون على البر والتقوى طريق إلى الجنة: ( إنَّ اللَّهَ يدخلُ بالسَّهمِ الواحدِ ثلاثةَ نفرٍ الجنَّةَ صانعَه يحتسبُ في صنعتِه الخيرَ والرَّاميَ بِه ومنبِّلَه) حسنه ابن حجر 
كذلك القوس لا تعطيك قوتها // حتى يكون لها عون من الوتر

·       دفاع الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم : وكان أبو طلحةَ رجلًا راميًا...فأشرَف النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ينظُرُ إلى القومِ، فيقولُ أبو طلحةَ : يا نبيَّ اللهِ، بأبي أنت وأمي، لا تُشرِفْ يُصِبْك سهمٌ من سهامِ القومِ، نحري دون نحرِك) صحيح البخاري، يقول أبو بكر نظرت إلى ظهر أبي دجانة فإذا ظهره كالقنفذ من السهام.

·       المناظرات: لا ينبغي لشخص أن يدخل في حوار إلا وقد أحاط به علما وتسلح بالحجج والبراهين، فلا تذهب وفي جعبتك سهم واحد أو اثنين فقد يتخلص منها بحنكه : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ۖ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ).

·       اعط القوس باريها: كن متواضعا واستعن بذوي الاختصاص وأهل المعرفة والحذق وتذكر بأنك لا تعرف كل شيء وأنزل أهل الاختصاص منازلهم.

·       في تعاملك مع الناس تذكر أن منهم من يدفع دفعا كما يدفع السهم عن القوس والآخر يجر جرا كما تجر العربة: (عجِبَ اللهُ من قومٍ يدخلون الجنةَ في السلاسلِ) صحيح البخاري.

·       الفتور: قد تفتر الهمة نحو بلوغ الهدف استعد طاقتك ونشاطك ؛وشد وتر القوس فإنه قد يرتخي.

·       إذا رجعت خطوة للخلف فلا تيأس فالنجاح احيانا كالسهم يحتاج أن تجذبه للوراء لكي ينطلق بأقصى قوته وسرعته إلى الأمام في تحقيق الهدف.

·       اضرب بسهم في كل أبواب الخير فلا تسمع باب من أبواب الخير إلا ولك فيه سهم لعل الله يرحمك معهم : (وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) ،(وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ).

آخر ما في الجعبة
اللهم اهدنا وسددنا ولا تجعل قلوبنا في أكنة، اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا، قال صلى الله عيله وسلم(لَقابُ قوسٍ في الجنَّةِ خيرٌ ممَّا تطلُعُ عليه الشَّمسُ وتغربُ) صحيح البخاري


سعود بن محمد البديع
يوم الخميس 8 مساء
28/10/1439






 
السهم

الجمعة، 13 أبريل 2018

في ظلال النخيل


تخيل معي مزرعة مليئة بالنخيل يتهادى إلى سمعك صوت الساقي وصياح الديكة، حملق بعينيك في النخلة؛ عسيبها كأشعة الشمس حوضها كالقدر يجمع الثمار، وعذوقها محملة بكمية كبيرة من التمور ، نواها كألسنة الطير أو كالعظم للبدن، وألوان التمور مختلفة أحمر كالياقوت وأخضر كالزمرد أصفر كالذهب (فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا)، (وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ)، النخيل تجعلك تسترخي وتنعم بالسعادة.

النخلة سيدة الأشجار؛ وهي نافعة من سعفها إلى جذورها ومن أن تطلع إلى أن تيبس، ثمرها غذاء وسعفها ضياء وجذعها بناء فهي جمعت بين رسوخ الأصل وعلو الهامة، ومرآها البديع،  شبّهها النبي صلى الله عليه وسلم بالمؤمن وضرب الله بها مثلا بكلمة التوحيد وهي من شجر الجنة، ثمارها تقي من السم والسحر، وهي نعم سحور المؤمن وفطوره، مصدر دخل للبلد قال الله عنها: رزق، فالخير في النخيل (وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ (10) رِزْقًا لِلْعِبَادِ
تأمل في نبات الأرض وانظر إلى آثار ماصنع المليك.

دعونا نحافظ على البيئة؛ لنكثر من غرس النخيل يقول النبي صلى الله عليه وسلم : (مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ)رواه البخاري وقال: (اخْرُجِى فَجُدِّى نَخْلَكِ لَعَلَّكِ أَنْ تَصَدَّقِى مِنْهُ أَوْ تَفْعَلِى خَيْرًا)صححه الألباني، وغرس اللينة أجرها مستمر في قبرك قال النبي صلى الله عليه وسلم : (سَبْع يَجْرِي لِلْعَبْدِ أَجْرُهُنَّ وَهُوَ فِي قَبْرِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ: ... أَوْ غَرَسَ نَخْلًا)حسنه الألباني، ينتفع من ظلها وثمرها وأكسجينها.

تجول في سوق التمور؛ لتتعرف من خلالها على أنواع التمور وأسمائها وفي المتاحف؛ لترى أشكال وألوان صنعت من منتجات النخيل والآن صنع فحم من جريد النخل في محافظة الزلفي، رأيت على اليوتيوب مصنع أخشاب النخيل ولازال هناك أطنان من ألواح النخيل مهدرة لم يستفاد منها وهناك من حولها إلى سماد عضوي وإلى علف للدواب وكذلك الحشف والعجم طعام للدواب ومنهم من استفاد من ليف النخل في المكيفات الصحراوية (قش) وعروق النخلة لإصلاح الجص، ورأيت مسحوق النوى يحمس ويطبخ كالقهوة، وحتى يتم الاستفادة القصوى من التمور حولت إلى عدة منتجات؛ بودرة التمر بديل عن (السكر)، عصير التمر، حليب بالتمر، وفي سيريلاك الأطفال، دبس، معجنات وحلويات من التمر وعدد من أطباق الوجبات المعروفة، المهم أن لايهمل شيء من النخلة.

يامن تخلل حب النخيل قلبه أدى زكاتها (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ).

(يَا عَائِشَةُ بَيْتٌ لاَ تَمْرَ فِيهِ جِيَاعٌ أَهْلُهُ)صحيح مسلم، والتمر مبارك كما في قوله صلى الله عليه وسلم (إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر فإنه بركة)حسنه ابن حجر، دعونا نلتهم عجوة المدينة وسكري القصيم وخلاص الأحساء وصفري بيشة، نعود الأسرة على سبع تمرات على الريق في الصباح؛ في الحديث (لَمْ يَضُرَّهُ سُمٌّ وَلَا سِحْرٌ)، وخير ما نتصبح به عجوة عالية المدينة قال صلى الله عليه وسلم : (إن في العجوة العالية شفاء أو إنها ترياق أول البكرة)صحيح مسلم.

حبوب لقاح النخيل مفيدة في علاج العقم.

خير ما تأكل المرأة في نفاسها الرطب: (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا )، فثمار النخيل صيدلية تحتوي على قيمة غذائية عالية وعلى عدة عناصر يحتاجها البدن.

( تجيك أم السعف والليف) عبارة يتداولها طائفة من الناس لتخويف أطفالها؛ لنتخلى عنها، جعلنا النخلة الشيء المحبب مصدر رعب!!؟.

وضع الجريد على القبر خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم لأن عذاب القبر غيب اطلعه الله عليه: (مَرَّ بِقَبْرَيْنِ يُعَذَّبَانِ فَقَالَ إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنَ الْبَوْلِ وَأَمَّا الْآخَرُ فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ ثُمَّ أَخَذَ جَرِيدَةً رَطْبَةً فَشَقَّهَا بِنِصْفَيْنِ ثُمَّ غَرَزَ فِي كُلِّ قَبْرٍ وَاحِدَةً فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللهِ لِمَ صَنَعْتَ هَذَا فَقَالَ لَعَلَّهُ أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا)صحيح البخاري.

بيسان أكثر أهلها الآن يهود، قريبة من القدس؛ من علامات الساعة لا يثمر نخلها جاء في حديث الجساسة (أَخْبِرُونِى عَنْ نَخْلِ بَيْسَانَ قُلْنَا عَنْ أَىِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ قَالَ أَسْأَلُكُمْ عَنْ نَخْلِهَا هَلْ يُثْمِرُ قُلْنَا لَهُ نَعَمْ. قَالَ أَمَا إِنَّهُ يُوشِكُ أَنْ لاَ تُثْمِرَ)صحيح مسلم.

نشهد أن لأبي الدحداح نخل في الجنة لقوله صلى الله عليه وسلم: (كَمْ مِنْ عِذْقٍ مُعَلَّقٍ - أَوْ مُدَلًّى - فِى الْجَنَّةِ لاِبْنِ الدَّحْدَاحِ)صحيح مسلم، قال الله عزوجل (فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ) وإذا أردت أن يغرس لك نخل في الجنة؛ فأكثر من قول (سُبْحَانَ اللهِ العَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ) جاء في الحديث (غُرِسَتْ لَهُ نَخْلَةٌ فِي الجَنَّةِ) صححه الألباني.

بعض الناس يتلف ويفسد كل جميل فهو كالسوسة والسرو والعنقر؛ فالسوسة تفسد جذع النخلة والعنقر دودة تتلف جذور النخلة والسرو يتلف التمرة، كافحها المزارعون بشتى الوسائل ومن يعمل عمل السوسة سيكافح كما قيل: ( من غربل الناس نخلوه).
مقترح للمزارعين: تربية البط وعموم الدواجن في المزرعة حتى تأكل الحشائش أسفل النخل وتأكل سوسة النخيل.

النخيل بعضها يظلل بعض..! ما أجمل أن يعيش في ظلك وتحت رعايتك ما استطعت من البشر.
تعرف النخلة من ثمرها؛ والإنسان من حديثه.

نخيل اليوم هي بذور الأمس؛ فالكلمة تلقيها الآن تثمر بعد حين؛ اسمع محاضرة كلمات في أذني للمنجد .

بعضهم في جد وعمل وإصرار حتى آخر نفس؛ كالنخلة تموت واقفة (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ).  

ضربت أمثال عدة في النخلة وثمارها منها:
(تمر وانسماح أمر)، (كليتم تمري وعصيتم أمري)، (أكلني تمرة وذبني نوة)، ( التمر ما يخلى من الحشف)، ( التمرة ما يخربها إلا سروها)، (حشفا وسوء كيل)، ( كل خاطب على لسانه تمرة)، (لاهو فوق عذوق ولا هو تحت عروق)، ( مثل المترجي من الفحال تمر)، ( إذا جاء وقت الخريف كثروا المعاريف)، ( بغى تمرة رصنوه بجذعها)، (مثل النخلة العوجا لايسقط تمرها في حوضها)، ( بسرة خضري تنشب في الحلق)، (سوسة).

النبي عليه الصلاة والسلام يقول: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ شَجَرَةٍ خَضْرَاءَ لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا وَلَا يَتَحَاتُّ)صحيح البخاري،فمن أوجه الشبه بين المؤمن والنخلة:

·       أنها شجرة طيبة (كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ) والمؤمن طيب في أقواله وأفعاله (وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ)، (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ)، ويوم القيامة يقال لهم (طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ).
·       الثبات (أَصْلُهَا ثَابِتٌ) وهكذا المؤمن فإنه ثابت على إيمانه ثابت على الحق مهما هبت رياح الفتن والشبهات؛ بيقينه وصلته بربه وتمسكه بدينه، استطاع رأس المنافقين أن يرجع بثلثي الجيش كانوا مع من؟! كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم؛ لذلك اسأل الله دوماً الثبات اللهم إنا نسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد، وكن من أهل القرآن (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ). وكلما ثبتَّ على الإيمان ارتفع شأنك (أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ).
·       (وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ) المؤمن عالي الهمة مستعلي على الباطل والمعاصي وسفاسف الأمور (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ مَعَالِيَ الأُمُورِ وأَشْرَافَهَا ، وَيَكْرَهُ سَفَاسِفَهَا)صححه الألباني.
·       (تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ) والمؤمن عمله الصالح ديمه.
·       النخل ليس على رتبة واحدة بل بينها تفاضل وتمايز وتمرها ليس على مستوى واحد بل بينه تفاوت في الحسن والجودة والطعم والشكل (وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ)، (يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ) وأهل الإيمان بينهم تفاوت في الفضل والخير (فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ).
·       حب النخلة للنبي صلى الله عليه وسلم وشوقها إليه؛ النبي كان إذا خطب استند إلى جذع نخلة فلما تركه سمع صوت أنين الجذع؛ على فراق ما كانت تسمع من الذكر، وهكذا المؤمن يشتاق للنبي صلى الله عليه وسلم (مِنْ أَشَدِّ أُمَّتِى لِى حُبًّا نَاسٌ يَكُونُونَ بَعْدِى يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ رَآنِى بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ)صحيح مسلم.
·       النخلة مباركة والمؤمن كذلك (إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ لَمَا بَرَكَتُهُ كَبَرَكَةِ الْمُسْلِمِ)صحيح البخاري.
·       النخلة كلما طال عمرها طاب ثمرها والمؤمن كلما طال عمره حسن عمله (لَيْسَ أَحَدٌ أَفْضَلَ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ مُؤْمِنٍ يُعَمَّرُ فِي الْإِسْلَامِ لِتَسْبِيحِهِ وَتَكْبِيرِهِ وَتَهْلِيلِهِ)حسنه الألباني.
·       قلب النخلة (الجمار) أبيض حلو وهكذا قلب المؤمن (إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ).
·       حلاوة طعم ثمرها والمؤمن يجد تلك الحلاوة (ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ)صحيح البخاري ، (ذَاقَ طَعْمَ الإِيمَانِ مَنْ رَضِىَ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً)صحيح مسلم.
·       أهمية البيئة: ابحث عن البيئة التي يكون عطاؤك ونفعك فيها أكثر، هناك أرض لا تنبت فيها النخلة مطلقاً وأرض تنبت ولا تثمر وأرض تثمر ثمراً رديئاً، المؤمن يحتاج إلى بيئة صالحة يعبد الله فيها لذلك شرعت الهجرة في سبيل الله (أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا).
·       قابل الإساءة بالإحسان، تعامل مع الخصوم برفق ولا تنخلهم نخلاً؛ (وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ)، (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ).
            كن كالنخيل عن الأحقاد مرتفعاً //  بالطوب يرمى فيرمي أطيب الثمر.
·       (لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا) والمؤمن لاتسقط له دعوة (مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ ، وَلاَ قَطِيعَةُ رَحِمٍ ، إِلاَّ أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلاَثٍ : إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الآخِرَةِ ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا قَالُوا : إِذًا نُكْثِرُ ، قَالَ : اللَّهُ أَكْثَرُ)صححه ابن باز.
·       الشوكة التي في جريد النخلة تحمي النخلة من الفئران أثناء إثمارها، وصف بعض أهل العلم من الذين لهم بلاء في الرد على المبطلين أنهم شوكة في حلوق الأعداء.

اللهم كما أطعمتنا من ثمرها في الدنيا أطعمنا من ثمرها في الجنة من غير حساب ولا سابق عذاب

سعود بن محمد البديع
يوم الجمعة عصرا
13/7/1439         


في ظلال النخيل

في ظلال النخيل


في ظلال النخيل

في ظلال النخيل