دماغ الإنسان كأنه ملفوف( الخضار المعروف) تحتوي جمجمة الإنسان على
ملايين الخلايا العصبية ، فحري بنا أن نشكر الله على نعمة العقل وأن نحافظ عليه
ونستثمره في ما ينفع (لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ
فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ)، مرن
دماغك حتى تتم الاستفادة القصوى منه فإذا عطل ولم يفعًل تموت خلاياه وتضمر وتضعف.
ينطوي هذا الدماغ على عدة عمليات : (التذكر، التخيل، التحليل،
التركيب، التخطيط، التوقع، التشبيهات، التذوق الجمالي، المقارنات، سرعة البديهة,
الاستنباط، الاستنتاج، الربط، الحفظ، الألفاظ، اتخاذ القرار، الإبداع، المشاعر
والذكريات)، فالعقل مناط التكليف وبه كرم الإنسان (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ) وهو الميزان الذي يوزن به الناس، فالناس متفاوتون تفاوتا بينا؛ ذكاء
عالي، ومتوسط، ومنخفض .
ومن فضل الله علينا أن الذكاء متعدد كل قد تميز في أحدها؛ انظر في
الذكاء (اللفظي) الشعراء، الكتاب، الخطباء، الإعلاميين، فالكلام رسول العقل، وفي
الذكاء (الجسدي) لاعب الكرة وأبطال الجمباز وفي (الحفظ) المحدثين يحفظ الأحاديث
بأسانيدها ورواياتها وعللها، بحق عقول عظيمة. وفي الذكاء (الاجتماعي) قدرة بعضهم
على سرعة تكوين العلاقات واجتماع القلوب حوله مثل موظفي العلاقات العامة ومندوبي
المبيعات، وفي الذكاء (النغمي) قدرة الشخص على تذوق الأصوات دونك القراء،
المؤذنين، المنشدين وفي الذكاء (العددي) قدرة الفرد على العمليات الحسابية الأربع كعلماء
الرياضيات والمحاسبين؛ يعطيك النتائج في ثوانِ، وفي الذكاء (المكاني أو البصري) القدرة على
تقدير المسافات والأبعاد بدقة( الطول، العرض، الارتفاع، العمق، السمك) قدرته على
تحديد الاتجاهات والقبلة، يتذكر الأماكن والألوان جيدا كما عند المهندسين،
المصورين، منشئي الخطط العسكرية.
من أوجه الشبه بين العقل والبصر أن البصر له حد للرؤية وكذلك العقل في
الإدراك، أن البصر لا يمكن أن يرى إلا في ضوء وأيضا اللب لا يمكن أن يحدد الطريق
القويم إلا بأنوار الوحي، البصر والعقل يقوى في الآخرة (فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ)، (يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الإنسان مَا سَعَى).
قد يسأل سائل أين العقل هل هو في القلب أم في الدماغ؟! من الأجوبة
التي سمعتها حول هذا السؤال أن العقل في القلب وله ارتباط بالدماغ كما في قوله
تعالى عن القلب (فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ
بِهَا)، وقوله عن الدماغ (نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ).
كيف تنعش عقلك :
فمما يشحن الدماغ العبادة وكلما ازداد المرء في العبودية التامة لله
دل على كمال عقله فمثلا قراءة القرآن بتدبر وتمعن، التفكر في مخلوقات الله، الخشوع
في الصلاة، الاستغفار بالأسحار، والجلوس إلى طلوع الشمس حتى ينتفع الدماغ من غاز
الأوزون وعليك بكثرة السجود فبالسجود تتدفق الدماء نحو الدماغ.
ترك المعاصي ولذا سمي العقل( نهى) لأنه ينهى صاحبه عن الرذائل؛ إذاً
فعل المعاصي ينقص العقل قال أصحاب النار ((وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ
السَّعِيرِ)، يقول ابن القيم في
الفوائد( كيف يكون عاقلا من باع الجنة بما فيها بشهوة ساعة؟!).
راقب نظامك الغذائي: من الحصافة تنوع الغذاء لسد نقص الفيتامينات
بالخضروات والفواكه والمكسرات والأسماك وكذلك شرب الماء ومضغ العلك المر له دور
كبير في تنشيط الخلايا وبدلا من ثلاث وجبات دسمة في اليوم اجعلها خمس وجبات خفيفة؛
فخلاء البطن له دور في توقد الذهن وكما قيل البطنة تذهب الفطنة وخير من ذلك قول
المصطفى صلى الله عليه وسلم ( بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه) وقول الله (وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ).
مارس الرياضة بانتظام، كالمشي السريع، السباحة ، ركوب الدراجة، فمن
الكياسة المحافظة على لياقة البدن.
التعلم المستمر له أثر في زيادة معدل الذكاء (وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا) الاحتكاك بالعلماء في شتى المجالات وطرح الأسئلة عليهم له دور فاعل
في تفعيل العقل (فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا)، تابع برنامج أسبوعيا على التلفاز، القراءة في فنون مختلفة تكسبك
خبرات الذين كتبوا، تفانى في البحث و تفاعل مع الكتاب ولا تكن سلبيا، قارن بين
كلام المؤلف، اسأل، استشهد، اكتب ملاحظاتك عن الكتاب، تمتع بروح نقدية متوثبة
كعلماء البلاغة والفقهاء.
السفر يمنحك فرصة الاحتكاك بالناس والاستمتاع بالطبيعة (قُلْ سِيرُواْ فِي الأَرْضِ) تستلهم العظة والعبرة والحنكة والتجربة وتمد عقلك من نبوغ المتميزين
والنابهين وتأمل كيف قرن الله السفر بالعقل (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ
بِهَا) .
العب وامرح واستمع لصوت يجذبك من عنادل المنشدين، تحدى عقلك بحل
الألغاز، تصفح كتاب "مرن عضلات مخك" لـ د. السويدان فيه ألعاب متنوعة
تخدم كثير من أدوار العقل، نافس أصدقاءك في ألعاب الذكاء، واختبر ذكاءك في
الانترنت لمعرفة مقياس الذكاء عندك، اقرأ قصص بوليسية، اجلس مع محقق جنائي أو مع
رجالات الجمارك؛ لتعرف قدرات بعض البشر العقلية وحيلهم الذكية المذمومة.
الحوار والنقاش يدرب العقل على سرعة التفكير، جلسات العصف الذهني تشعل
وتوقد التركيز، مشاورة الناس تفتح الآفاق والنبي صلى الله عليه وسلم مع كمال عقله
إلا أن الله أمره بالمشاورة (وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ) وكما قيل: نصف عقلك مع أخيك، مشاهدة المناظرات تعين على سرعة
البديهة، وكذلك قراءة كتاب "الأجوبة المسكتة"، احمل معك دفتر صغير دون
فيه ما يطرأ على ذهنك من أفكار، جرب واكتب قصة حياتك ستجد الذاكرة مليئة بالأفكار
والقصص والأرقام والأسماء مما يدهشك؛ انظر إلى الصور القديمة ستحفزك إلى مزيد من
الذكريات.
احفظ كل يوم شيء جديد، آية، قصة، حكمة، قصيدة، وستجد ذاكرتك وفية إذا
احتجت إليها واحكم على معلوماتك بالسجن المؤبد في ذاكرتك، تعلم مهارات الحفظ
والاستذكار، بعضهم أهمل ذاكرته؛ حتى رقم هاتفه لم يحفظه.
غير من روتينك وحاول أن تجدد في حياتك، تعلم لغة جديدة، رياضة جديدة
مثل السلة، اكتب بغير اليد التي تكتب بها، اقرأ بالعكس، العب الكرة بغير القدم
التي تلعب بها، امش للوراء، مارس أنشطة جديدة عليك وغير مألوفة، التحق بأي مجال
تطوعي، تعلم شيئا جديدا في الحاسوب، حاول أن ترسم، أعد ترتيب أثاث المنزل.
خذ كفايتك من النوم حتى يكون الدماغ في ذروة عطائه، كوكب الدماغ؛
بحاجة إلى الأكسجين لذلك لا تغطِ رأسك خلال النوم، وابتعد عن مشتتات التركيز،
الغضب، القلق، التوتر.
قبل أن أقفل القلم: الذكي الناجح هو الذي يطور قدراته ويكتسب مهارات
إضافية؛ لكي يحصل على أفضل النتائج، العقل كالعضلة يحتاج إلى تمرين وتدريب جاد.
سعود بن محمد البديع
يوم الأحد عصرا
25/6/1437
الله يعطيك العافية مقالك جدا جميل ومحفز موفق خير
ردحذفجزاك الله خير
ردحذف