يصعب
على النفس فراق من خالطته وأكلت وشربت معه و"تملك قلبك وستولى عليه حبهم" وقضيت
الليالي والأيام بصحبتهم وعرفت نفسيا تهم وانتبهت إلى ما يحبونه ويسخطهم وما
يفرحهم وما يسوءهم تعجبك أحاديثهم ويحرك نياط قلبك ضحكاتهم ويحزنك ما يكدر خواطرهم
وما يتغلب عليهم من الهموم والمآسي.
بنتا أخي لطيفه والعنود نشأت معهم وكبرنا وكبر
الحب معنا كانت أيام جميلة وليالي سعيدة جمعنا بيت واحد وتربينا على يد (أمي
الغالية) سوياً، بوجودهم تحلو السهرة وتكون بالطبع ليلة مسرة، كم تبادلنا من الأحاديث
والعواطف والذكريات.
كم حرصت "أمي الحبيبة" عليهم في تربيتهم وسلوكهم قدمت إليهم المعروف
والإحسان والخير سعت جاهدة رضي الله عنها في إرضائهم وتقديم ما يحتاجون إليه ولا
تنتظر من وراء ذلك كلمة شكراً، ولا تشعر أنها قدمت لهم ما يستحق الإشادة، قلب كبير
إذا أبحرت فيه وجدت اللؤلوء ونفائس الدرر معدنها ثمين قل مثيله لا يداعب النوم
جفونها حتى تطمأن عليهم لا تهنأ بنوم حتى يهنؤ به، تستيقظ في الصباح الباكر تمشط
شعورهم وتعتني بهم غاية العناية، تقوم أخطاءهم وتصوب أفعالهم ولا يرضيها إلا أن
يكونوا على أحسن وجه تعلمهم الآداب الرفيعة والأخلاق الفاضلة وتنمي في نفوسهم محبة
أمهم، تسألهم عن أداء الصلاة وترشدهم وتدلهم على الخير ولا تستغرب إذا قالت ( أقصري
حسك ، ورى ما كليتي ما جيب إلا ليوكل)
تشتري لهم اللباس الفضفاض الساتر وتحذرهم من
القصير وما يلفت الأنظار، تمرض لمرضهم وتعمل كل سبب وسبيل إلى شفاءهم أعطتهم الفرصة
ليقدموا أشهى الوجبات ولا تعذرب ولا تثرب بل تشكرهم وتنبه، أخذت بأيديهم وقامت على
رؤوسهم وأشرفت بنفسها ليكون غسيلهم وكويهم وتكنيسهم وكل ما يحتاجه البيت رائع
وممتاز، لا يملىء عينها إلا رؤيتهم ولا يطربها إلا سماع أصواتهم، أبشري أيتها "الأم
الفاضلة" بقول المصطفى صلى الله عليه وسلم (( من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة
أنا وهو . وضم أصابعه )) صحيح مسلم وبقوله ((من عال جاريتين حتى تدركا دخلت أنا
وهو الجنة كهاتين )) صححه الألباني
والدنيا
لا تثرك عادتها في التفريق بين المحبين؛ انتقلوا إلى بيتٍ آخر فعتلت أمي سحابة
قاتمة؛ حزناً على فراقهم ولو أقمت حفريات في باطنها لوجدت القلب متصدع متخرق متشقق، إذا مر ذكرهم بكت وأبكت، لا تفكر إلا فيهم ذبلت ونحل جسمها أعملت فكرها واستجمعت
قواها لإيجاد حلولول متعددة في إبقائهم واستمرارهم عندها وباءت محاولاتها بالفشل
تركوا فراغاً كبيراً في وجدانها لا يسد، تشعر أنها وحيدة من غيرهم لا يؤنسها إلا قربهم
إذا زاروا البيت تعاتبهم على طول الفراق وتطالبهم البقاء، رأيتهم يتبادلون الحديث
فكرهت إزعاجهم بجلوسي معهم لأن المحب يحب أن يخلو بحبيبه، أركان البيت تأن لفراقهم
ولو قدروا على المشي لذهبوا إلى حيث هم، لو عادت الأيام ماذا تظن أني فاعلوُُُ بهم؟
أحرص على أن تترك أثراً حسناً وذكراً طيباً في نفوس من تخالطهم وتعاشرهم، أحببت أن
أدون ما في نفسي وجوانحي تجاه ما حدث وأشارك أصدقائي بها علاَها أن تنال استحسانهم
وقبولهم.
أخوكم
سعود
محمد البديع
3/2 / 1432 يوم
الجمعة عصراًهل للحب علاج |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.